الاثنين، 6 مارس 2017

خطأ المبالغة في اتِّقاء الحر والبرد


خطأ المبالغة في اتِّقاء الحر والبرد
__________


بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن الجوزي رحمه الله :
تأملتُ مبالغة أرباب الدنيا في اتقاء الحر والبرد فرأيتها تعكس المقصود في باب الحكمة وإنما تحصل بحرٍّ ولذة ولا خير في لذة تعقب ألمًا

ـ فأما الحر : فإنهم يشربون الماء المثلوج وذلك على غاية في الضرر وأهل الطب يقولون : إنه يحدث أمراضًا صعبة يظهر أثرها في وقت الشيخوخة ويصنعون الخيوش المضاعفة
ـ وفي البرد : يصنعون اللبود المانعة للبرد
وهذا من حيث الحكمةُ يضاد ما وضعه الله - تعالى - فإنه جعل الحر لتحلل الأخلاط والبرد لجمودها فيجعلون هم جميع السَّنَة ربيعًا فتنعكس الحكمة التي وضع الحر والبرد لها ويرجع الأذى على الأبدان ، ولا يظن سامعُ هذا أني آمره بملاقاة الحر والبرد ، وإنما أقول له: لا يفرط في التوقِّي ، ويعرض في الحر لما يحلل بعض الأخلاط ، إلى حدٍّ لا يؤثر في القوة ، وفي البرد بأن يصيبك منه الأمر القريب لا المؤذي ؛ فإن الحر والبرد لمصالح البدن ، وقد كان بعض الأمراء يصون نفسه من الحر والبرد أصلاً ، فمات عاجلاً ، وقد ذكرت قصته في كتاب "لقط المنافع في علم الطب"
___________________
"صيد الخاطر"، لابن الجوزي، بتحقيق ناجي الطنطاوي، 1/137

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق