الخميس، 2 مارس 2017

ماهو السنوت


التحقيق بأعلى صوت في معرفة السنوت

من تحقيقي على كتاب الطب النبوي لابن القيم رحمه الله تعالى 
أخوكم أبو العباس أنور الرفاعي 
ــــــــــــ

الخلاف في تحديد السنوت قديم ، بل جاء عن النسائي في " السنن الكبرى " ( 7577 ) عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث فيهن شفاء من كل داء إلا السام السنا والسنوت ) قال محمد ونسيت الثالثة ، قالوا يا رسول الله هذا السنا قد عرفناه فما السنوت ؟ قال : ( لو شاء الله لعرفكموه ) وهذا الحديث ذكره ابن أبي حاتم في " علل الحديث " (2560 )
فالحديث صريح أن السنوت ليس محددا دون الاجتهاد في البحث والنظر ، وهو معلول كما سبق وبعضهم يحسنه بالشواهد ، وبالنظر في الأقوال الثمانية السابقة يتضح أنه لا يوجد دواء معين سواء من الأعشاب أو من غيرها يقال له : السنوت ويستقل بهذا الاسم ، خلافاً لما يدعيه العامة أو بعض المعالجين ، ومن هنا يصير اللجوء للاجتهاد والترجيح بين الأقوال الثمانية السابقة وهي :

1- أحدها : أنه العسل.
2- والثاني : أنه رب عكة السمن يخرج خططا سوداء على السمن.
حكاهما عمرو بن بكر السكسكي .
3- الثالث : أنه حب يشبه الكمون وليس به ، قاله ابن الأعرابي .
4- الرابع : أنه الكمون الكرماني .
5- الخامس : أنه الرازيانج ( الشمر بلغة مصر ) . حكاهما أبو حنيفة الدينوري عن بعض الأعراب.
6- السادس : أنه الشبت .
7- السابع : أنه التمر . حكاهما أبو بكر بن السني الحافظ.
8- الثامن : أنه العسل الذي يكون في زقاق السمن ، حكاه عبد اللطيف البغدادي .
قال بعض الأطباء : وهذا أجدر بالمعنى ، وأقرب إلى الصواب ؛ أي : يخلط السناء مدقوقا بالعسل المخالط للسمن ، ثم يلعق فيكون أصلح من استعماله مفردا لما في العسل والسمن من إصلاح السنا ، وإعانته له على الإسهال .. والله أعلم.

والذي يظهر أن القول الحق من بين هذه الأقوال الثمانية هو ترجيح ( العسل ) وهذا لسبعة أسباب :
1⃣- السبب الأول : 
أن العسل هو الوحيد الذي يستحق الوصف أنه شفاء من كل داء لورود صريح الأدلة من القرآن والسنة بالثناء عليه ، والله تعالى قال عنه : { فيه شفاء للناس } ولم يقل : { لناس } 
2⃣- السبب الثاني : 
أن السنوت مثل السنا من حيث معنى اللفظ ، وهو العلو القدر ورفعته وهذا من بين تلك الثمانية ليس إلا للعسل فليس فيهن ما يعلو مقدار العسل 
3⃣- السبب الثالث : 
أن العسل أنواع كثيرة وهو بخاصية تعدد أنواعه يمكن وصفه لسائر الأمراض بتحديد نوع من أنواعه لكل نوع من أنواع الأمراض بخلاف بقية المذكورات
4⃣- السبب الرابع : 
أن ( السنوت ) جاء في مقابل ( السنا ) وفي الحديث أن السنا يسبب الاستمشاء ، وفي الحديث الآخر أن العسل يسبب وقف الاستمشاء ، فيكون الجمع بينهما جمعاً لعلاج المتناقضين المتعارضين ، وهذا من غاية الاتزان والاعتدال 
5⃣- السبب الخامس : 
أن في الاسم ( سنا ) و ( سنوت ) تقارب في اللفظ ، فلابد أن يكونا أيضاً متقاربان في الطبع ، وهذا حاصل بين السنا والعسل وقد سبق أن خلط السنا بالعسل أصلح له وأنفع للجسد 
6⃣- السبب السادس : 
أن ( السنا ) عشبة مكية و ( السنوت ) هو العسل عند المكيين ، وهذا دليل للارتباط بين السنا والعسل 
7⃣- السبب السابع : 
أنه وإن كان غير العسل هو قول الأكثرين إلا أن ترجيح العسل هو قول أكثر اللغويين وهم أقرب لضبط اللفظ من غيرهم 
8⃣- السبب الثامن : 
أن العسل له أسماء كثيرة ومنها : السنوت ، كسفود وسنور، السلوى لأنه يسلي ، الحافظ ، الأمين ، لأنه يحفظ ما يودع فيه ، فيحفظ الميت أبداً واللحم ثلاثة أشهر ، والفاكهة ستة أشهر .
تنبيه : تفسير { السلوى } أنها العسل هو من الخلاف في ذلك وانظر رد القرطبي على من ادعى الاجماع أنه ( الطير ) ( 1 / 407 ) وهو ترجيح الجوهري كما في تفسير ابن كثير ( 1 / 272 ) 
وممن رجح ذلك : 
1ـ ابن قتيبة الدينوري في " المعاني الكبير " ( 1 / 149 ) وفي "غريب الحديث " ( 1 / 358 ) 
2ـ الدميري في " حياة الحيوان الكبرى " ( 3 / 198 ) 
3ـ ابن الأثير في " النهاية " ( 1 / 1011 ) وفي " أسد الغابة " ( 1 / 1135 ) 
4ـ الزمخشري في " الفائق " ( 2 / 202 ) وفي " أساس البلاغة " ( 1 / 227 ) 
5ـ ابن الأعرابي كما في " غريب الحديث " لابن الجوزي ( 1 / 501 )
6ـ وابن القيم في " زاد المعاد " ( 1 / 102 ) مع السمن 
7ـ الألباني في " الصحيحة " ( 4 / 297 ) 
8ـ وهو ترجيح أستاذنا الفاضل سيد قطب حفظه الله ، بهذا أكتفي بترجيح أنه العسل .. والله أعلم

كتبه أخوكم 
أبو العباس أنور الرفاعي 
anwar2014w@


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق