الاثنين، 6 مارس 2017

سلطان الشياطين على المؤمنين


هل للشيطان سلطان على الناس ؟ 
____________

نظرت في آيات القرآن الكريم فوجدت بعضها يثبت له السلطان والبعض الآخر ينفي ذلك فتحيرت كثيرا وفي مدارسة علمية مع أحد الأفاضل قال لي : إن الآيات التي تثبت له السلطان المقصود بها على الكافرين والآيات التي تنفي عنه السلطان المقصود بها على المؤمنين !!
واستدل بقوله تعالى : 
1_ { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ }
[سورة النحل 100]
2_ { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }
[سورة الحجر 42]
3_ { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ }
[سورة سبأ 20 - 21]

قلت : وبالرغم من هذه الأدلة الواضحة إلا أن هناك آية تنفي سلطانه حتى على الكفار وهي في قوله تعالى : { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ }
[سورة إبراهيم 22]

فالشيطان نفسه يعترف أمام أتباعه من الكفار أنه لم يكن له عليهم من سلطان وبهذا فالاشكال مستمر ومن هنا بدأت عزيمة البحث والدراسة للمعنى الحقيقي لسلطان الشيطان  المثبت والمنفي في آيات القران الكريم وكانت خلاصة الدراسة على النحو التالي :
 أولا : معنى كلمة ( سلطان ) في القرآن الكريم
بعد البحث والنظر رأيت أن كلمة ( سلطان ) في حق الشيطان جاءت ولها معنيين اثنين :
الأول : قدرة
ويدخل فيها : الاغواء والاز والأذية 
الثاني : حجة

 ثانيا : التفسير الصحيح للنفي والاثبات لسلطان الشيطان على الناس
وبعد أن عرفت أن كلمة ( سلطان ) لها المعنيين السابقين وبالرجوع لكتب أهل العلم تبين لي أن الجواب على ثلاثة أقسام وهي :
1⃣ الأول : 
أن السلطان المثبت هو ( القدرة ) والسلطان المنفي هو ( الحجة ) لقوله تعالى : { وماكان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } أي أنه دعاهم بلاحجة فاستجابوا له ؛ ومن الأدلة التي تبين أن السلطان يأتي ويراد به الحجة قوله تعالى : { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ۖ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ }
[سورة آل عمران 151]
مالم ينزل به سلطانا .. أي مالم ينزل به حجة 
2⃣ الثاني : 
أن السلطان المنفي عن كون الله سلطه عليهم والسلطان المثبت عن كونهم سلطوه على أنفسهم بأنفسهم باتباعم له أو لخطواته ؛ لقوله تعالى : { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } وقوله : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }

3⃣ الثالث : 
ماذكره الأخ الفاضل من أن السلطان المثبت هو على الكفار والمنفي هو على المؤمنين إلا أني أزيده بعض التفصيل فأقول :
ليس له سلطان على المؤمنين لا من جهة القدرة ولا من جهة الحجة وأما الكفار فسلطانه عليهم ثابت من جهة القدرة ومنفي من جهة الحجة وهذا هو خلاصة كلام العلامة ابن القيم في " الاغاثة " ( 1 / 107 )

هذا ما انتهى اليه قلمي في هذه المسألة والله تعالى أعلى وأعلم

كتبه أخوكم 
أبو العباس أنور الرفاعي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق