السبت، 25 فبراير 2017

النقد العلمي لرسالة الدكتور الديلمي


[ النقد العلمي لرسالة الدكتور عبدالوهاب الديلمي ]
حوار مع الدكتور الديلمي حول رده لنصيحة الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله 
بقلم : أبي العباس أنور الرفاعي 
------------------
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
فقد اطلعت على رسالة للداعية الاخواني عبد الوهاب الديلمي هداه الله ووفقه لتقاه والحقيقة أن رسالته كانت منبئة عن الافلاس في مواجهة الحجة بالحجة وذلك أن الباطل ليس عنده حجة ، ومع ذلك فأهله يتتبعون الشبهات لاشباع الشهوات فيضطرون للف ولي أعناق الدليل أو الايهام في التعليل وعلى هذا الحال ونفس المنوال كانت حجة الدكتور الديلمي في تلكم الرساله التي سوف نتناول مناقشتها في هذه العجالة
📝 أولاً : قول الديلمي : (بدا لي أن أبعث إليك بهذه الرسالة ، التي تتضمن أموراً لا بد أن تضاف إلى رسالة الشيخ حتى تكتمل الصورة للواقع الذي يعيشه الدعاة إلى الله عز وجل ، وجزاك الله خيرا ، فأقول وبالله التوفيق )
قلت : هكذا عرفنا القوم أنهم لايستطيعون مواجهة حجج خصومهم فيلجؤون إلى دعوى كونها مناسبة لو كانت في أيام الأجداد والجدات !! وأن الواقع الذي نعيشه خاضع لفقه الجماعة للأحداث ، ولا يخفاكم مافي هذا من تعطيل للمرجعية الإسلامية التي قال تعالى عنها : { قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) } 
فهاهي النصوص تخبرنا بمقدمتين ونتيجة لهاتين الآيتين :
ـ أما المقدمة الأولى : فهي الأمر للصحابة أن يصرحوا بايمانهم بنفس إيمان الأنبياء من زمن إبراهيم إلى زمن موسى وعيسى 
ـ وأما المقدمة الثانية : أن من بعد الصحابة يجب عليهم أن يؤمنوا بنفس الايمان حتى يحصل الاستمرار على نفس الطريق الموصل للغاية الإلهية 
ولو نظرنا لهاتين المقدمتين بعين الفقه في الدين لرأينا أن الصحاتبة جاؤا بعد الأنبياء بسنوات عديدة مديدة ومع ذلك فواقع الصحابة لم يجعلهم يخالفوا منهاج الأنبياء بحجة تباعد الزمن وتباين الوقائع المعاشة !! ومن هنا تأسست النتيجة وهي : 
أن الذين يأتون بعد الصحابة وأبوا الاستمرار على نفس الطريق فإنهم في شقاق أي منشقون عن الطريق الأصل { فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ }
ومما يؤخذ على الدكتور الديلمي أنه حصر الانكار عليهم بفتوى أو رسالة للشيخ مقبل رحمه الله تعالى وهذا من التلبيس ؛ لأن الحقيقة تقول : إن قاطبة العلماء حذرت من التحزب كـ : الالباني ، ابن باز ، الفوزان ، الحجوري ، صالح ال الشيخ ، اللحيدان ، الغديان ، العباد ، وغيرهم كثير ، فلا يصح قصر الانتقاد على فكرة تأسيس جماعة دينية حزبية بالشيخ مقبل كي لايظن ظان أنه مجرد اجتهاد فردي منه رحمه الله
ومع ذلك فلنجعل الكلام السابق عاماً وللنظر للواقع الذي سيتحدث عنه الدكتور الديلمي فعله يقصد الواقع القابل للاجتهاد الذي ليس فيه ثوابت شرعية 

📝 ثانياُ : قول الديلمي : ( اجتماع طائفة من الناس وتعاهدهم على نصرة الإسلام ليس ممنوعاً شرعاً ، إذا لم يجتمعوا على باطل خاصة عند فساد الحكام ، وغلبة الجهل على العامة ، وضياع الولاء والبراء ، وتعرض الشباب للفتنة ، وأن تتخطفهم شياطين الإنس والجن إلى غير ذلك من عوامل الهدم ، التي لا يمكن مواجهتها بدون الجماعات الإسلامية إلا بالحاكم المسلم القائم بحراسة الدين ، وسياسة الدنيا بالدين )
أقول : كلام معسول يجعل المخ مغسول ؛ فإنه قد خلط السم في السمن وسأرد عليه من ثلاثة أوجه 
الوجه الأول : كل ماذكره الدكتور الديلمي من الأخطاء الشائعة في أوساط الجماهير الإسلامية جماعته متورطة في أكثرها ومتورطة بأخطاء وأخطار غيرها !! فالعقل لايقبل والفكر لايتقبل أن ندعي اصلاح غيرنا ونحن نشاركهم الفساد إن لم نكن أفسد منهم !!
أليست الجماعة أضاعت الولاء والبراء فقد رأينا المدح والثناء من قاداتكم لليهود والنصارى والرافضة وفي المقابل فأنتم تعاملون من ليس معكم من المسلمين أنه على شفا جرف هار وأنه حجرة عثرة في طريق مسيرتكم الاخوانية إلى دار الخلد في جنات النعيم !!؟
أليست جماعتكم هي أكبر حائل بين الناس وبين العلم فكيف تخافون على المجتمعات من الجهل وأنتم صرفتموهم عن العلماء وأقبلتم بهم على حب المباريات والأناشيد والمسرحيات ومن كان قد حضر معكم في حلقات تحفيظ القرآن فإنه ولابد من حلقة ودروس خاصة في بدروم المسجد لكتاب لكتاب " ماذا يعني انتمائي للاسلام " لمؤلفه الحركي فتحي يكن !!؟ ولو سألنا شبابكم الرياضيون أو الممثلون أو المنشدون عن سيرة العلماء كـ الألباني أو ابن باز أو الوادعي أو الحجوري أو الفوزان أو العثيمين ماكان جوابهم إلا بأن هؤلاء في الفقه علماء للحيض والنفاس وفي السياسة علماء للسلطان !!؟ 
فعجباً كيف تخافون على أمتنا المشتتة من مصائب في أوساطكم مثبتة 
الوجه الثاني : كون التغيير لايتم إلا عن طريق تأسيس جماعة هذا من خواطر منتهجي أفكار حزبية تخص جماعتهم أما منتهجي منهج الرعيل الأول فإنهم يكتفون بلم الشمل على الجماعة الأم التي أوصانا القرآن والسنة بالتمسك بها ، ولو فرضنا أن كل مجموعة من الناس أخذوا بفكرتكم هذه وكل واحد أسس له جماعة كم ستصبح الجماعات في أوساط المسلمين ؟ وكيف سنستطيع التأليف بينها فضلا عن دعوة الناس وقد جرب بعدكم حزب الرشاد ولم يقض إلا أياما وانشق عنه حزب التنمية مباشرة وهكذا ستستمر الحكاية ؛ لأن الحقيقة تقول : إن من أراد دعوة الناس فليس بحاجة لجماعة بل هو بحاجة لهذه الآية : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي } فهي صريحة في كون الداعية الصادق منهجه في الدعوة هو الاتباع وأن الاتباع هو البصيرة !! أنتج : أن الابتداع عميان للبصيرة وهذا هو التخبط الذي نراه يوميا في الجماعات المتحزبة وللأسف !! والحل هو هذه الآية : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } فيكفينا فرقة في ديننا هداكم الله فكما أن ربنا واحد فيجب أن نكون جماعة واحدة وهي الجماعة الأم التي بدأت من عهد النبوة قال تعالى : { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } فاتقوا الله في دينه 
الوجه الثالث : ذكر الدكتور ذلك الكلام المعسول ولكنه دس فيه بأسلوب لطيف مسألة تأسيس جماعة وإقامة العهد والظاهر أنه يقصد البيعة التي تجعل المنظم مخالفة للشرع أولاً عبد رقيق للجماعة ثانية ، وأتعجب من الدكتور حين يتكلم عن اصلاح الأمة وهو يجهل أو يعلم ولكنه يتجاهل أن من أعظم الفساد إقامة البيعات لجماعات ليس بيدها زمام الحكم فالبيعة لاتكون إلا لولي الأمر الشرعي !! فهل تعدون أنفسكم حكاما على المسلمين من تحت الطاولات دون علم المجتمع !!؟

📝 ثالثاً : قول الديلمي : ( ولو اجتمع العلماء والدعاة جميعاً حسب دعوة الشيخ مقبل الوادعي في كيان واحد فلا بد أن يسيروا على نظام معين، وأن يكون لهم رأس، وأن يصدروا في أمورهم عن شورى بين أهلها ، وهذه هي نفس الحزبية التي يظنها الشيخ قبيحة ، ولا نجاة من كل هذا إلا أن يوجد الحاكم المسلم الذي يجتمع الناس جميعاً عليه ، كما كان الحال عند وجود الخلافة الإسلامية )
أقول : يريد الدكتور الديلمي أن يقول : إن البديل الشرعي الذي دلهم عليه الشيخ مقبل الوادعي وهو اجتماع العلماء والدعاة إلى الله على كلمة واحدة يعتبر أيضا حزبية !!! ولايخفاكم أن اجتماع العلماء واجب والحزبية التعددية محرمة ؛ لأنها فرقة ولكن الدكتور الديلمي خلط بين الأوراق وشبه الاجتماع بالفرقة كي يقرر هو ماهو الحل الصحيح وهو في قوله : ( أن يوجد الحاكم المسلم الذي يجتمع الناس جميعا عليه ) وهذه لفتة تكفيرية منه للحكام الذين لاننكر نحن أنهم عصاة ولكننا لانقول بكفرهم وهذه هي الفارقة بين الديلمي والوادعي ولهذا قلب الدكتور الديلمي الطاولة على البديل الذي ذكره الشيخ الوادعي ببديله هو لتباين النظرة تجاه الحاكم الموجود !! فتنبه لها جيداً !!! ففكرة الشيخ مقبل تتناسب ما لو كان الحاكم المسلم موجود وأما وهو غير موجود فالحل هو البقاء على منهج الجماعة الحزبي .. والله المستعان !!
وعندي زيادة تنبيه وهو أن الدكتور الديلمي يلمح بل يصرح باستمراهم بهذه النظرة حتى تحقق المستحيل وذلك بقوله : ( ولا نجاة من كل هذا إلا أن يوجد الحاكم المسلم الذي يجتمع الناس جميعاً عليه ، كما كان الحال عند وجود الخلافة الإسلامية )
فبالله عليكم من أين نأتيكم بحاكم يجتمع الناس كلهم عليه غير المهدي المنتظر وهل ستستمرون بفتنكم حتى يظهر ؛ لأن الحال الذي تسعون من أجل تحقيقه كما كان الحال عند وجود الخلافة الإسلامية أمر غير متأتٍ حالياً ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنه لم ينحقق إلا عند نزول المهدي فقال : [ تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج نبوة ]
فالحديث قسم الحكم على أربعة مراحل : 
الأولى النبوة المباشرة ثم ترفع بموت النبي صلى الله عليه وسلم
الثانية : خلافة على منهاج النبوة وهي التي تنتهي بعد ثلاثين عاما من موته عليه الصلاة والسلام وقد حصرها بعض العلماء بالخلفاء الأربعة فقط وبعضهم ألحق الحسن لأنه أدرك من الثلاثين ثلاثة أشهر وبعضهم ألحق معاوية لأن الذي تنازل له بها كان داخلا في الثلاثين فلحق بعضها فقط ثم تغير الأمر 
الثالثة : مرحلة [ الحكم الجبري ] وهو الجمهوريات وما شابهها كما هو الحال في اليمن ومصر وغيرها ، [ والحكم العضوض ] وهو الممالك والتوريث كما هو الحال في السعوديو والأردن والمغرب وغيرها 
الرابعة : مرحلة العودة للخلافة على منهاج النبوية وهي عند نزول المهدي في آخر الزمان الذي أهو قريب أم بعيد 
وعلى هذا فنحن الآن في المرحلة الثالثة الجبرية العضوضة التي لاتعتبر من منهاج النبوة ولكنها تعتبر مجازة في الشرع باعتبارها مرحلة بين مرحلتين تكون مواجهتها بإصلاح اخطائها والأخذ بأيديها كما هو موضح في ( 100 ) حديث شريف نشرناها مرارا وتكرارا هنا وهناك كانت تتحدث عن الهدي الشرعي في التعامل مع حكام المرحلة بين التسديد والمقاربة وعدم إراقة الدماء واثارة الدهماء !! 
وظاهر كلام الديلمي أنهم عازمون حتى اسقاط عبدربه ومن يأتي بعد عبدربه ؛ لأنهم ليسوا على منهاج النبوة ، وهكذا حتى يمهدون ويمكنون للمهدي المنتظر وهو أحد طلاب جامعة الايمان ، وأما نحن فنعتقد أن عبد ربه ولي أمرنا مع اعتقادنا أنه ليس على منهاج النبوة وأنه يجب علينا الالتفاف حوله كولي أمر مسلم بدلالة الحديث : [ الزم جماعة المسلمين وإمامهم ]

وأخيراً : أنصح الدكتور أن يراقب الله تعالى في أمتنا وأن يعلم أن الواقع قد أثبت أن التفرق الحزبي المقيت مازاد جماعته إلا بعدا عن الحق وانخراطا في الباطل وكل يوم وهم من فاقرة لفاقرة أخرى حتى أصبحوا منبوذين أينما ثقفوا 
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين 
كتبه أخوكم 
أبو العباس أنور بن محمود الرفاعي 
كاتب وباحث سلفي 
مدرب معتمد في أكاديمية قادة التطوير في تركيا 
16 / 5 / 1438 هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق