الأربعاء، 1 مارس 2017

من هو الشهيد ؟


من هو الشهيد ؟
تنبيه : هذا المنشور كتبته قديما أيام الثورة اليمنية وليس الان
كتبه /
أبو العباس أنوربن محمود الرفاعي

بسم الله الرحمن الرحيم
الشهيد : هو من شهد له ربه بالجنة ؛ لأنه قتل في سبيله ، فهو شهيد بمعنى مشهود له ، وعليه فلا يكون شهيد بلا شاهد !!
والشاهد : صفة يحملها من شهد على أمر شاهده ، لذلك أشترط فيه العدالة ، وبحسب مقام الشهادة يشترط ازدياد العدد في الشهداء ، مع وجوب اكتمال شروط الشهادة في حق الشاهد وهي ثلاثة : 
الأول : الحضور : أي أنه شاهد ما شهد عليه .
الثاني : الوعي : أي أنه يعي ما شهد عليه . 
الثالث : الأداء : وهو الإتيان بالشهادة على الوجه الذي حضره ووعاه 
وفي ذلك يقول عيسى عليه السلام : { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }وحاصلها أن الشاهد لايشهد إلا على المرئيات ، وأن الغيبيات علمها عند رب الأرض والسماوات ، وأن من شهد لأحد أنه في مكان لزمه أنه كان معه في ذلك المكان 
ومن هنا نضع سؤالين مهمين  :
الأول : هل يجوز الشهادة لأحد أنه شهيد ؟
أطلق بعض الأوائل هذا اللفظ على من ظهر لهم أنه مات مجاهداً في سبيل الله من خلا ل الحكم على الظاهر ومنعه غيرهم مفرقين بين كوننا نشهد له بأنه شهيد وبين كوننا نعامله معاملة الشهيد والراجح هومنع هذا الإطلاق وأنه لايجوز الشهادة العينية لا للمطيع بالجنة ولا للعاصي بالنار ؛ للمقدمة السابقة ولما سيأتي من الاستدلالات والتعليلات ولذلك كان من عقيدة أهل السنة والجماعة قولهم : نرجوا للمحسن ونخشى على المسيء ؛ لأن الجزم شهادة ، والشهادة على الغيبيات من خصوصيات رب الأرض والسماوات { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) كما سبق بيانه 
ومفهوم هذا الكلام أنه يجوز الشهادة الغير عينية تعميماً وفقاً لمقتضى النصوص في ذلك ، كأن تقول : المسلمون في الجنة ، أو من مات في سبيل الله فهو شهيد ، دون القطع لعينٍ معينة أنها داخلة في هذا الحكم العمومي ؛ لأن هذا القطع شهادة ولأنه يشترط في الشهادة المشاهدة كما سبق !!
وعلى هذا الترجيح الأدلة من القرآن ومن السنة وأقوال الصحابة :
أولاً : الأدلة من القرآن :
قال تعالى : {قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ والأرض الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ }النمل 65
والحكم لعينٍ بالشهادة حكم لها بالجنة وهذا من الغيب الذي لايعلمه إلا الله 
وقال تعالى : {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ} الأحقاف 9  
فانتفى عنه عليه الصلاة والسلام الدراية عن أمرين اثنين : 
الأول : مايفعل به         
الثاني : مايفعل بنا 
ثم رفع نفي الدراية عنه بما يفعل به بقوله تعالى : { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }  فبقى النفي لما يفعل بنا ، وانظر الدليل الثالث من فصل الاستدلال من السنة ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لايدري بما يفعل بالميت بعد موته فغيره من باب أولى وأحرى !! 
وفي الاستذكار (5/114) : ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : مر عمر بقوم وهم يذكرون سرية هلكت فقال بعضهم هم شهداء وهم في الجنة وقال بعضهم لهم ما احتسبوا فقال عمر إن في الناس من يقاتل رياء ومنهم من يقاتل حمية ومنهم من يقاتل إذا دهمه القتال ومنهم من يقاتل ابتغاء وجه الله فأولئك الشهداء وإن كل نفس تبعث على ما تموت عليه ولا تدري نفس ما يفعل بها إلا الذي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخراهـ
وقال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }الأعراف33 والقول على الله بغير علم يعتبر طاعة للشيطان {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }169والشهادة لمعين بأنه شهيد داخل في هذا النهي ؛ لأنه قول على الله بأنه قد أكرمه بمنازل الشهداء بلا علم
ثانياً : الأدلة من السنة : 
1- الدليل الأول :
  في البخاري عن عبد الله بن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال  : لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابه النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا فلان شهيد فلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة  
2- الدليل الثاني : 
وفي الصحيحين عن سهل بن سعد بن سعد الساعدي أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في قتال مع المشركين لم يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقالوا ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أما إنه من أهل النار ) فقال رجل من القوم أنا صاحبه قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال : فجُرِحَ الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال أشهد أنك رسول الله قال : ( وما ذاك ) . قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جُرِحَ جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم عند ذلك : ( إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ) 
3- الدليل الثالث : 
وفي البخاري عن خارجة بن زيد الأنصاري أن أم العلاء امرأة أخبرته أنه لما مات عثمان بن مظعون قالت : رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( وما يدريك أن الله أكرمه ) . فقلت بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله ؟ فقال ( أما هو فقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ) قالت : فوالله لا أزكي أحدا بعد أبدا .  
4- الدليل الرابع :
وفي البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله  اهـ

ثالثاً : الأدلة من أقوال الصحابة : 
الأثر الأول : قال عمررضي الله عنه : و تقولون لمن قتل في مغازيكم هذه قتل فلان شهيدا ومات فلان شهيدا ولعله يكون قد أوقر دفتي راحلته ذهبا أو ورقا يبتغي الدنيا أو قال التجارة فلا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال النبي صلى الله عليه و سلم من قتل في سبيل الله أو مات فهو في الجنة اهـ 
قال الشيخ الألباني في تعليقه على سنن النسائي (6/117/3349) : صحيح اهـ
الأثر الثاني :  عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :  إياكم أن تقولوا : مات فلان شهيدا أو قتل فلان شهيدا ؛ فإن الرجل ليقاتل ليغنم ويقاتل ليذكر ويقاتل ليرى مكانه اهـ
وهو في المستدرك (2/121/2525) وفي المسند (3952)  فال الذهبي قي التلخيص : صحيح ، و ذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس (1/131)
وقال أيضاً : لا تكثروا الشهادات ، قتل فلان شهيدا ، قتل فلان شهيدا ، فإن كنتم لا بد مثنين على قوم أنهم استشهدوا فأثنوا على سرية بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حي فلم يلبثوا إلا يسيرا ، حتى قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ألا إن إخوانكم قد لقوا ربهم ، ألا وإنهم سألوا الله أن يبلغ عنهم بأنهم قد رضوا ، ورضي عنهم ، فإن كنتم مثنين على قوم أنهم شهداء ، فأثنوا على أولئك اهـ
ذكره البوصيري في إتحاف الخيرة بزوائد العشرة (5/147)

فتاوى العلماء :
1 -  قال الإمام البخاري في صحيحه : ( باب لايقال فلان شهيد ) واستدل ببعض الأحاديث الآنفة الذكر
2 -  قال الحافظ معلقاً على تبويب البخاري في الفتح (6/90) : ووجه أخذ الترجمة منه ـ أي من حديث أبي هريرة -  يظهر من حديث أبي موسى الماضي من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ولا يطلع على ذلك إلا بالوحي فمن ثبت أنه في سبيل الله أعطى حكم الشهادة فقوله والله أعلم بمن يكلم في سبيله أي فلا يعلم ذلك إلا من أعلمه الله فلا ينبغي إطلاق كون كل مقتول في الجهاد أنه في سبيل الله اهـ
وقال (6/190) : وعلى هذا فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال اهـ
3 -  وقال محمد صديق الشافعي في دليل الفالحين (2/256) : عند حديث (فلان شهيد. فقال النبيّ : كلا) أي: انته وانزجر عن هذا القول والحكم له بالشهادة المتضمنة الحكم له بالسعادة الأبدية والمنازل العلية اهـ
4 -  قال العلامة صالح آل الشيخ (1/211) : فالمسألة عسيرة ولذلك لا يقال لأحد إنه شهيد، الشهيد فلان، هذا جزم لأنّ الشهداء معلومة منزلتهم في الأحاديث، فلا يجوز أن يقال فلان شهيد لأنه حكم له من أنه من أهل الجنة وهذا موقوف على معرفة النية والخاتمة اهـ
وقال : هذا أمر غيبي فلذلك لا تجوز الشهادة لمعين؛ لكن نرجوا له، من مات في أرض المعركة نرجوا له الشهادة، نقول نرجوا له أن يكون شهيداً وهذا تبع للأصل أننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء. اهـ
5 -   وقال العلامة ابن عثيمين أيضاً في لقاء الباب المفتوح (22/14) : لا نقول: فلان شهيد؛ لأننا لو قلنا: فلان شهيد؛ لزم أن نشهد له بأنه من أهل الجنة ؛ لأن كل شهيد فهو من أهل الجنة لا شك، ولا يجوز أن نشهد لشخص بعينه أنه من أهل الجنة إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم، ونحن إذا لم نقل: إنه شهيد، وكان عند الله شهيداً؛ لم تضره عدم شهادتنا له، وإذا قلنا : إنه شهيد، وهو ليس عند الله بشهيد، هل تنفعه شهادتنا له ؟ فإذا كان الأمر كذلك ؛ فلماذا نطلق ألسنتنا في أمر لا نعلمه ؟
ولكن نقول: من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ونرجو أن يكون هذا الرجل ممن قتل في سبيل الله فينال الشهادة اهـ  وانظر له شرح الرياض (1/107)

فائدة : المعاملة غير الشهادة :                               
قال الحافظ في الفتح ( 6 / 90 ) في باب (لا يقال فلان شهيد) : أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي .... وإن كان مع ذلك يعطى أحكام الشهداء في الأحكام الظاهرة ولذلك أطبق السلف على تسمية المقتولين ببدر وأحد وغيرهما شهداء والمراد بذلك الحكم الظاهر المبني على الظن الغالب اهـ
وقال السندي في حاشيته على البخاري (2/67) : قوله : (باب لا يقول فلان شهيد) أي : بالنظر إلى أحوال الآخرة ، وأما بالنظر إلى أحكام الدنيا فلا بأس ، وإلا يشكل إجراء أحكام الدنيا والله تعالى أعلم. اهـ.
ومن هنا تعجب من أقوام يشهدون لآخرين بالشهادة ثم لايطبقون في حقهم حكم الشهيد ، بل يخالفون ذلك !!!
الثاني : هل يسمى قتيل المظاهرات شهيداً ؟
بعد النظر في تعريف الشهيد عند المذاهب الأربعة لم نجد أن أحداً منهم ذكر أن من خرج على الحاكم فمات بأنه   شهيد ، بل هم متفقون على أن الخروج على الحاكم في عداد المعاصي وإن كان 
الحاكم ظالماً عسوفاً ، وعليه فهذا الفصل ليس من الفصل الأول في شيء من حيث الحكم على الظاهر إلا من باب اللازم ؛ فإنه إذا كان لايجوز الحكم بالشهادة لمن ظاهره الطاعة فمن باب أولى وأحرى لمن مات على معصية ؛ فإن الخروج مذهب الخوارج  وقد ورد في النص ما يوصف ميتة الخارج  بالميتة الجاهلية :
ففي الصحيحين عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم ( من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية) 
وفي لفظ : ( من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية ) 
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ) وانظر إلى قوله : ( يغضب ) وتذكر قولهم : جمعة غضب 
  وعند الطبراني وأحمد وابن أبي عاصم وصححه الإمام الوادعي عن فضالة بن عبيد عن : رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( ثلاثة لا تسأل عنهم رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا وأمة أو عبد أبق من سيده فمات وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم )

أقسام الشهادة:
يقسم العلماء رحمهم الله تعالى الشهادة إلى قسمين اثنين :
الأول : الشهيد حقيقة ، وهو من مات في ساح المعركة مجاهداً في سبيل الله إما الجهاد الدفعي أو الجهاد الطلبي
الثاني : الشهيد حكماً ، وهو من له حكم الشهيد جملة : كـ : الغريق والمحروق والمبطون والمهدوم ومن ماتت نفساء .. الخ 

فتوى الإمام الألباني من شريط :1/470
سئل رحمه الله عمن يقتل أثناء مواجهته للحكام هل يسمى شهيد اً ؟
فأجاب رحمه الله : ... هؤلاء الذين أنت تسأل عنهم لايصدق فيهم لا الشهادة الحقيقية ولا الشهادة الحكمية اهـ
وختاماً : ننصح بترك هذه العبارات وعدم الاغترار ببعض الفتاوى الجائرات المتحزبات .. المائلات المميلات المملات .. التي ماتت بسببها ذوات ترجوا المنازل العليات 
{ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } النحل2

كتبه / أبو العباس أنور الرفاعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق