أسرار حول الأذكار من قول العزيز الغفار
ــــ ــــ ــــ ــــ ــــ
قال تعالى : { فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ }
أمر الله تعالى بالتسبيح المقيد بوقت معين والمقصود بهذا التسبيح هو المحافظة على أذكار الصباح والمساء كما تضمنت أيضاً تحديد وقت الأداء لأذكار الصباح وهو { قبل طلوع الشمس } وأذكار المساء وهو { وقبل الغروب } وأما وقت القضاء فالصحيح جوازه وقد رأيت من يستدل بأدلة ليست صريحة الدلالة في ذلك لا منطوقاً ولا مفهوماً ولا ظاهراً ولا مؤولاً فاستدلالهم بقوله تعالى : { ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ليس بصريح الدلالة لأن الآية فيها طلب رفع المؤاخذه فيما يستوجب المؤاخذة في الفروض والواجبات والأذكار مما لاتستوجب المؤاخذة لتركها لأنها ليست من هذا القبيل أصلا وأما استدلالهم بالحديث : [ من نام عن صلاة أو نسيها فكفارتها حين يذكرها ] فهو قياس مع الفارق ؛ لأن الصلاة واجبة وتركها كفر والأذكار سنة مستحبة وتاركها ليس بكافر ولا حتى عاصي
ومع ذلك فالصحيح أنه كما للأذكار وقت أداء وهو ماسبق في الآية فلها أيضاً وقت قضاء لمن نسيها أو نام عنها أو انشغل عليها ، وذلك لما رواه البخاري (1233) ومسلم (834) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُمَا فَقَالَ : (إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ) .
ولما رواه ابن ماجه (1154) عَنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَصَلاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : إِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ، فَصَلَّيْتُهُمَا . قَالَ : فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه (948) .
ففي هذين الدليلين دلالة على مشروعية قضاء النوافل فتقاس الأذكار عليها لوجود الشبه وهو عدم الالزام بها وانما كان قضاؤها من أجل الديمومة عليها .
لفتة رائعة :
أمر الله تعالى بالصبر على مايقولون ثم أمر بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بعد ذلك ، فقال : { فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ }
وهذا دليلٌ على أن الأذكار تحميك وتحصنك من شر الانس والجن معاً
وقوله : { فاصبر على مايقولون } قبل الأمر بالمحافظة على الأذكار يحتمل أمرين كلامها حق :
الأمر الأول : أن الأذكار تحصنك من الأقوال وهذا ينتج أن للأقوال تأثير على الانسان فبعضهم تصيبه كلمة بالخوف وبعضهم تصيبه بالهم وبعضهم تصيبه بالضيق وبعضهم قد تصيبه بالقتل وهذا حق لقوله تعالى : { ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين }
دلت أن للأقوال تأثير على جسم الانسان وأن التحصينات تحميك من شر هذه الأقوال
الأمر الثاني : أنه أمر بالتحصن بعد أقوال الخصوم لأنهم قد يتجهوا بعد الأقوال الى الأذية بالأفعال وهذا وارد أيضا لقوله تعالى : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }
ففي هذه الآيات دليل أن الأعداء والخصوم بداؤا بالقول ثم اتجهوا للأذية بالفعل وأن الله تعالى حصن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وصحابته الكرام بقولهم للأذكار ومحافظتهم على الصلاة
هذا ما انتهى اليه قلمي في هذه الخاطرة فماكان فيها من حق فهو من توفيق الله تعالى وحده وماكان فيها من باطل فهو من جهلي وشيطاني
كتبه أخوكم
ابو العباس انور الرفاعي
anwar2014w@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق