السبت، 4 مارس 2017

التخصيصات في باب الرقية الشرعية


التخصيصات في باب الرقية الشرعية 
ــــ ــــ ــــ ــــ 
⌚أولاً : المقدمة 
التخصيصات في هذا الباب من المسائل الذي حصل فيها خلط وغلط وقد خصص في [ ملتقى رقاة اليمن ] يوما لمناقشة ودراسة هذه المسألة وإعطائها كبير اهتمام 
وكانت هذه مشاركتي بناء على طلب المشرف العام جزاه الله خيرا فأقول :

⌚ثانياً : دراسة المسألة 
التخصيص أنواع كثيرة وكل تخصيص له حكمه وهاكمُ هذه الأقسام

1⃣ تخصيص الحصر :
هذا لايكون الا للشرع ؛ لأن مفاده حصر هذه المخصصات دون غيرها في نفع هذا المرض 
ومثاله : [ ضع يدك على ماتألم من جسدك وقل سبعا : أعوذ بالله بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ]
ففيه تخصيص وضع اليد على مكان الألم فلايجوز رقية الجماد بهذا اللفظ

2⃣ تخصيص الاختيار :
وهذا النوع جائز حيث يختار من الشرع جزء من كل فيختار لمرض السحر الرقية العامة كالفاتحة والمعوذات كما يزيد عليها مع الآيات التي خصت السحر ؛ لمافيها من اخبار الله تعالى أنه سيبطله وأن السحرة صاغرين ؛ ولأنه لايعقل أن يرقي المسحور بآية الربا أو اعتزال النساء في المحيض
ومما يدل على جواز ذلك حديث اختيار الصحابي لسورة الفاتحة وقول النبي صلى الله عليه وسلم له : [ وما ادراك أنها رقية ] 
فهذا تخصيص اختيار

أقوال العلماء : 
1ـ قال ابن القيم رحمه الله في « مدارج السالكين » [ 2/502 ] :
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له فى مرضه تعجز العقول عن حملها من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة ، قال : فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي اقرأوا آيات السكينة قال ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قلبة ، وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه فرأيت لها تأثيراعظيمافي سكونه وطمأنينته اهـ 
2 ـ وقال أيضاً في « زاد المعاد » [   ] :
وكان كثيرا (يعني شيخه ابن تيمية) ما يقرأ في أذن المصروع : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون } اهـ

3⃣ تخصيص العدد : 
وهذا من خصوصيات الشرع لأن معرفة نتائج الأعداد أمر غيبي وإنما أجاز العلماء القياس على العدد [ 7 ] والعدد [ 3 ]
1ـ قال الحافظ [ 2/330 ] :
واستنبط من هذا أن مراعاة العدد المخصوص في الأذكار معتبرة وإلا لكان يمكن أن يقال لهم : أضيفوا لها التهليل ثلاثا وثلاثين وقد كان بعض العلماء يقول : إن الأعداد الواردة كالذكر عقب الصلوات إذا رتب عليها ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على العدد المذكور لا يحصل له ذلك الثواب المخصوص ؛ لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة ذلك العدد ... اهـ 
2ـ وقالت اللجنة الدائمة [ 24/203 ] : أما الأدعية والأذكار المأثورة فالأصل فيها التوقيف من جهة الصيغة والعدد فينبغي للمسلم أن يراعي ذلك ويحافظ عليه فلايزيد في العدد المحدد ولا في الصيغة ولا ينقص من ذلك ولا يحرف فيه  وبالله التوفيق اهـ
3ـ وقال الشيخ العلامة عبد الله بن قعود رحمه الله كما في اسلام ويب برقم [ 152761 ] : 
وكل ذكر يقيد بعدد معين أو مكان معين أو زمان معين أو كيفية معينة لم ترد في الشريعة يكون بدعة ، وأما بالنسبة للأسماء الحسنى فالتعبد بها يكون بدعاء الله بها كما قال عز وجل : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } وليس مجرد قراءتها بترتيب معين عبادة مشروعة اهـ

4⃣ تخصيص الكيفية : 
وهذا أيضاً من خصوصيات الشرع ولايجوز لأحد أن يخصص للناس ذكراً معيناً بكيفية معينة سواء كان هذا الذكر مطلق عام أم مقيد خاص ( بالرقية )

5⃣ تخصيص المكان :
ومثاله أن يأمر الراقي المريض أن يقرأ آيات مخصوصة في مكان مخصوص كالسطح أو غرفة مظلمة أو أو الخ 
إلا إذا خصص له المسجد لوجود الأدلة العامة في ذلك فلا بأس أو خصص له غرفة معينة باعتبار أنها خالية من ضجيج الأطفال أو بعيدة عن الازعاج فلا بأس وعلى هذا فقس

6⃣ تخصيص الزمان :
ومثاله : أن يخصص الراقي للرقية على المريض أو المريض يرقي على نفسه في أوقات مخصوصة وهذا النوع من التخصيص أنواع : 
1ـ بقصد التعبد بنتائج هذا التوقيت وهذا لايجوز إلا إذا عليه نص 
2ـ بقصد اعتقاد أن هذه المواقيت أنفع مع غيرها أو أنفع من دون غيرها من بقية المواقيت ، وهذا لايجوز إلا إذا عليه نص أيضاً 
3ـ بقصد التنظيم حسب التفرغ أو التهيئ وهذا لابأس به بل هو مطلوب 
4ـ بقصد القياس كتخصيص الرقية في اوقات استجابة الدعاء كالثلث فهذا اجتهاد صاحبه بين الأجر والأجرين
5ـ بقصد قوة تأثير هذا الوقت على العارض كاختيار بعض الرقاة وقت الضحى أخذا من قوله تعالى : { موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى } 
على أن الآية ظاهرها اختيار الوقت بقصد تجمع الناس فيه وليس لخاصية في الوقت ويحتمل أنه اشترط استدعاء الناس في هذا الوقت وهم لايتجمعوا فيه 
والظاهر أن هذا التخصيص اجتهاد صاحبه بين الأجر والأجرين والله أعلم

7⃣ تخصيص المرض :
والمقصود به اختيار آيات معينة وألفاظ معينة مخصصة لعلاج مرض معين 
وهذا في نظري جائز بشرط عدم الافراط والتفريط وأن يكون من جنس ( الاختيار ) باعتبار الخبرة والتجربة ، وقد اقر النبي صلى الله عليه وسلم رقية ( النملة ) ورقية ( العقرب ) وهي من اجتهادات أيام الجاهلية ، فكيف نشنع على خبراء الرقية بتخصيص رقية يسمونها ( رقية العين ) و (رقية السحر ) و ( رقية المس ) و ( رقية طرد الشياطين من البيت ) و ( رقية الرعاف ) و ( رقية الأرحام )
كل هذه جائزة فالرقية واحدة والغرض منها الشفاء والتسمية من باب التعريف ، والتخصيص من باب الخبرة والتجربة 
وإن كنت لا أنكر أنه قد حصل التجاوز في ذلك عند البعض ونحن ننكر الحد المتجاوز

9⃣ تخصيص القياس : 
ومثاله :
1ـ رقية ابن تيمية لمن أصيب بالرعاف بقوله تعالى : { وقيل يا أرض ابلعي ماءك } وكتبها على جبهته 
2ـ رقية أحمد بن حنبل للمحموم بقوله تعالى : { قلنا يانار كوني بردا وسلاما على ابراهيم }
3ـ رقية أحمد بن حنبل لمن تعسر وضعها بقوله تعالى : { لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } وقوله : { لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } دل بها أهل المرأة

وغيرها كثير وكثير وهذا جائز من باب تخصيص الاختيار قياسا ولايجوز اعتقاد تخصيصها حصريا ،، والله أعلم
[10] تخصيص اللفظ :
تخصيص اللفظ على نوعين : 
1ـ إن كان من الشرع جاز تخصيصه إن كان لازما ولايجوز تخصيصه إن كان متعديا 
2ـ إن كان من غير الشرع وهذا يدخل في الدعاء دون القرآن ومعلوم أن لفظ الدعاء جائز من غير القرآن بدلالة الحديث : ( يستجاب لأحدكم مالم يدع باثم أو قطيعة رحم ) 
وهذا النوع لايجوز فيه التخصيص أبدا 
1ـ قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى [ 22 : 510 ] : 
وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به اهـ

2- قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح  [١١٢/١١ ] :
ألفاظ الأذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به اهـ
3ـ وقال القاضي عياض رحمه الله كما في الفتوحات الربانية لابن علان [ 1/17 ] : 
وقد احتال الشيطانُ للناس من هذا المقام ، فقيَّض لهم قومَ سوء يخترعون لهم أدعيةً يشتغلون بها عن الاقتداء بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اهـ



كتبه أخوكم 
أبو العباس أنور الرفاعي
✍


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق